السبت، 4 أغسطس 2012

كتاب مُسيل للدموع لـ أحمد الصباغ


هذا الكتاب الرائع لصديقي الاكثر من رائع "أحمد الصباغ" الذي برع في تلخيص احداث الثورة و ما قبلها في كتاب صغير، خفيف وممتع و لقد انتقيت بعض الفقرات لتشويقكم لقراءة هذا الكتاب و ايضاً لتذكركم و أيانا بأيام النضال.

قال له أحمد عز أمين تنظيمه: أن الشعب المصري يركب عربيات آخر موديل و جميع المواطنين يحملون الموبايلات ... و لم يخبره ان 40% من الشعب يعيشون تحت خط الفقر و أن الموبايلات التي يمسكون بها في ايديهم هى اشبه (بالبزّازة) التي يلهون بها الطفل الجائع في بيت فقير.

التاريخ يقف دائما في صف المنتصر، و في تاريخ مصر لم ينتصر كثيراً. لقد كان دائماً انتصاره أقوى، لذا فسوف يقف التاريخ في صف ثورة يناير، دون حاجة لتزييف وقائعها، او صناعة مجد زائفاً لأبطالها، هى ثورة بلا اسماء سوى اسماء الشهداء، ثورة بلا القاب. هى ثورة بلا طوائف ولا فئات. هى ثورة شعب نبيل بلا قائد على ديكتاتور فاسد له جيوش من الزبانية والأعوان.

أتوقع ان ينقسم التاريخ المصري الى (ما قبل ثورة يناير) و (ما بعد ثورة يناير) كما انقسم تاريخ امريكا الى (ما قبل 11 سبتمبر) و (ما بعد 11 سبتمبر) ... كعادة كل الاحداث الضخمة المغيّرة للتاريخ.

أغرق النظام العبّارات والسفن، وأحرق القطارات، واسقط الطائرات بإهماله وتسيبه واستخفافه بأرواح المصريين الكادحين الذين ضاقت بهم سبيل الرزق في بلادهم فإذا بحيتان مبارك تشارك البحر وليمة أكل اللحم المصري الشهي أذكر من تلك الحوادث حادثة غرق العبّارة سالم اكسبريس عام 1991 و على متنها 624 مواطن (أصبح حطامها الآن معلماً لرياضة الغوص).

قتل النظام سليمان خاطر وأهدر ملف مياه النيل (كما أهدر المياه نفسها في مشاريع فاشلة) وأضعف موقف مصر بين دول حوض النيل (وحينما أدرك المأساة ما كان منه إلا أن نظم دورة كرة قدم لدول حوض النيل في ستاد القاهرة و في الوقت الذي كانت تخلع تونس زين العابدين كانت مصر تهز كينيا 5-2).

و كان نظام مبارك حليفاً لإسرائيل طوال الوقت فشارك في حصار غزة ووقع اتفاقية تصدير الغاز الى إسرائيل عام 2005 وقام بالتطبيع مع إسرائيل ووصفها بدولة صديقة في الوقت الذي كان يتواطأ مع أنظمة زميلة في الفساد في تدمير علاقة المصريين بأشقائهم في الجزائر و السودان و قطر و ليبيا و تونس و غيرها.

كما عمل نظام مبارك خلال 30 عاماً على إثارة الفتنة الطائفية وإهمال حماية الكنائس و عدم القصاص السريع من مجرمين قتلوا ابرياء مما ادى لإشعال النفوس و إثارة الفتن و لعب دوراً هاماً في استفحال الحوادث الطائفية مثل حادثة قرية الكشح بسوهاج في عام 1999.

و كان النظام عادلاً في ارهابه لكل من المسيحين والمسلمين على السواء فلم يفرق بين مسلم ومسيحي في البهدلة فبعد حادث القديسين بعدة ايام اعتقل أمن الدولة الشاب السلفي الملتحي سيد بلال (1981- 6 يناير 2011) للتحقيق معه في تفجير كنيسة القديسين وقاموا بتعذيبه حتى الموت.

و لمبارك ضحاياه من الشباب الذين فقدوا الثقة في اوطانهم و في قدرتهم على بناء مستقبل فتمردوا على الواقع وألقوا بأنفسهم في المياه المظلمة تطبيقاً للمثل المصري المعروف (يا صابت يا اتنين عور) فمات المئات من الشباب المصري اثناء محاولته للهجرة غير الشرعية في مياه البحر المتوسط.

و في يوم 15 مايو 2004 و بعد إهدار مئات الملايين في ملف تنظيم كأس العالم 2010 حصلت مصر على أشهر صفر في التاريخ ... الصفر الذي ميز عهد مبارك "صفر المونديال" رغم تورط المسؤولين عن الملف المصري في إهدار مبالغ مالية كبيرة كهدايا للمسؤولين في الدول التي لها حق التصويت.
 (بالمناسبة كان عدم وجود حمامات في ميدان التحرير أحد أسباب فقدان مصر لتنظيم كأس العالم الأمر الذي تداركه فيما بعد ثوار التحرير فأنشأوا حمامات خشبية بالميدان.)

أما صحة المواطن المصري في عهد مبارك فيمكن تلخيصها في الآتي:
*أعلى نسبة التهاب كبدي بالعالم 20% من المصريين.
*أعلى نسبة إصابة بالبلهارسيا بالعالم.
*أعلى نسبة فيروس سي بالعالم 32% من المصريين.
*أعلى نسبة سرطان بالعالم 31% (تضاعف 8 مرات).
*أعلى نسبة فشل كلوي بالعالم 38% من المصرييين.
*السكر 7 ملايين 10% تقريبا من عدد السكان.
*شلل الاطفال موجود في 6 دول في العالم فقط منهم مصر.
*الاكتئاب 20 مليون مواطن.

و ظل حسني مبارك رئيساً للحزب الوطني كما هو رئيس للبلاد، فتحول الحزب الى ما يشبه العصابة التي تقتسم التورتة. وتفرغ مبارك لقصوره و مدنه و شرم شيخه، تاركاً الفلاحين يبورون الاراضي الزراعية، والعشوائيات تنتشر بطول القاهرة وعرضها و غيرها من الجرائم التي لا تحصى ولا تعد...
لكن يرحل مبارك ويداه ملوثتان بدماء لن تنساها مصر أبداً ... وروداً تفتحت في جناين مصر...
382 شهيد من خيرة شباب مصر ستظل لعناتهم تطارد مبارك وأعوانه حتى مقابرهم، منهم من قتله الرصاص الحي و منهم من قتلته أيدي البلطجية المأجورين.
استمرت المظاهرات وانضم الطلبة العائدون الى المدارس والجامعات الى الحشود الشعبية. ثم أعلن في يوم 4 يناير 2011 موت محمد البوعزيزي فاشتعل الشارع التونسي اكثر، وتفجرت موجات جديدة من الاحتجاجات في تونس.

لم تتوقف المظاهرات .. بل زادت حدتها واتسعت رقعتها. لم يجد زين العابدين (المزنوق) سوى اللجوء للجيش التونسي لقمع المتظاهرين لكن الجيش الموالي دائماً للشعب و ليس للأنظمة الحاكمة .. رفض وقام زين العابدين بإقالة الفريق اول رشيد عمّار قائد أركان جيش البر في الجيش الوطني التونسي الذي أكدت الصحف التونسية أنه رفض إعطاء الاوامر للجنود لقمع المتظاهرين وتضامن مع الشعب الغاضب.

و صرح وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل ان الاستضافة عُرف عربي والمستجير يُجار.
لكن لم يذكر في اي عُرف يتم استضافة رجل فاسد هارب بأموال شعبه مخلفاً وراءه الدماء والدمار؟

يتبع ...

الجمعة، 3 أغسطس 2012

شاي بالحليب "خواطر طفولة"


في حارة ضيقة في حي شعبي الساعة الحادية عشر صباحاً في ضوء شمس الصيف كان هناك مجموعة من الأطفال يلعبون سوياً، ثم تشعر سهيلة بالظمأ بعد لعب طويل تحت حرارة الشمس وحركاتها الطفولية المليئة بالطاقة و في يوم خطر ببالها ان تصطحب معها اسماعيل لكي يأخذ معاها كوباً من الشاي بالحليب و لم تخبره لماذا تصحبه الى منزلها وكأنها تأخذه الى مكان كنز علي بابا وقامت بتقديم المفاجأة له فنظر الى الكوب متعجباً: "ما هذا؟" فردت سهيلة: "انه شاي بالحليب، انه مفيد جداً ولذيذ، هيا نتناوله ونستأنف لعبنا بالخارج" فأحمر وجه اسماعيل غضباً و قال لها: " لا احبه .. عندما تحضره امي للإفطار لا اشربه و عندما تجعلني اشربه رغم انفي ابدأ في الصراخ والبكاء." نظرت إليه في تعجب شديد وقالت: "كيف لا تحبه، انني استيقظ مبكراً خصيصاً لكي اشاهد امي عندما تسكُب الحليب على الشاي ويتغير لونه كم هذا المنظر يسعدني كثيراً." بعد ان احتست مشروبها خرجوا مرة اخرى الى الشارع لكي يستأنفوا لعبهم و بعد قليل ذهب اسماعيل الى محل عصير القصب وطلب منه كوب من التمر هندي صغير و ترك بها رشفات قليلة وقام بطلب القليل من الصوبيا وقام بوضع التمر هندي على الصوبيا وشاهد الوانهما وهما يمتزجان فأعجبته كثيراً الفكرة واعتاد ان يفعلها كل يوم ويشربه هو وسهيلة عندما تشرب مشروبها المفضل.


        ذات يوم خرجت سهيلة مع اسرتها في خروجة عائلية و فجأة حدث ما لا احد يتوقعه، سيارة طائشة خرجت عن الطريق وصعدت على رصيف مرور المشاة وصدمت سهيلة ذات الجسم الهذيل وقعت على الارض غارقة في دمائها و تم نقلها الى المستشفى وعندما عرف اسماعيل بهذا الخبر تألم كثيراً حزناً على صديقته وتوسل الى والدته لكي تصحبه الى المشفى لكي يزور سهيلة ويطمئن على صحتها و قبل ان يذهب آخذ اكواب والقليل من التمر هندي والصوبيا و بعد ان وصل وعرف انها قد فقدت قدرتها على الحركة فكتم حزنه في قلبه واخرج الاكواب والمشروبات ووضع التمر هندي على الصوبيا لكي تشاهد المشهد المحبب الى قلبها فغضبت وقالت له: "ماذا تفعل؟ انا لا احب هذا" فقال لها متعجباً: "كيف؟! وانت تقولين انك تحبين هذا المشهد وتستقيظين له خصيصاً." قالت له: "انت تفعل خطأ فادح انك تسكُب التمر ذو اللون الغامق على الصوبيا البيضاء لكي يعكرها، احب ان يكون اللون الغامق يسّكب عليه الابيض وليس العكس لكي يخفف من سواده ... لا تحزن يا اسماعيل ولا تجعل الحزن يمتلكك اني سوف اعود العب و الهو معك من جديد وسوف تشرب الشاي بالحليب معي."